شباب اكاديمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شباب اكاديمى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مكافحة العماء (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
yaser_25
Admin
yaser_25


عدد الرسائل : 431
تاريخ التسجيل : 28/01/2007

مكافحة العماء (3) Empty
مُساهمةموضوع: مكافحة العماء (3)   مكافحة العماء (3) Icon_minitime1الأحد يناير 28, 2007 8:03 am

من المهم أن ندرك أن الأصل في الناس هو الجهل حتى يتعلموا، كما أن الأصل في أنماط تفكيرهم هو الاعوجاج والفجاجة إلى أن يدرّبوا أنفسهم على التفكير القويم، وقد صرّح القرآن بهذه الحقيقة الناصعة حيث قال –سبحانه-: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة النحل: 78].
إن من الواضح جدًا أن الناس يكرهون العماء، ويكرهون الجهل بما يجري حولهم، كما تكره الطبيعة الفراغ، ولهذا فإنهم يسارعون إلى إصدار الأحكام وتقرير المسائل مهما كانت مرتكزاتهم المعرفية ضئيلة، وسطحية، وهم بذلك يزيدون الطين بلة، ويفاقمون المشكلة.
كثير من الناس لا يعرفون أن (العقل) من غير معرفة هباء، وأن الذكاء من غير معرفة جيدة لا يكون كافيًا لتشكيل التصوّرات الصحيحة وإصدار الأحكام الرشيدة... وهذا التوهّم يفسِّر جزئيًّا تقاعس كثير من بني جلدتنا عن القراءة واصطحاب الكتاب، وعن البذل السخي على التعلم واكتساب المعرفة. وهذه إشارات سريعة في هذه المسألة:
1- إن من معايير التقدم الحضاري مدى ما يتوفر لدى البلد من معطيات ومعلومات وأرقام وإحصاءات... ذات صلة بالحياة اليومية للناس، وذات صلة باهتماماتهم ومشروعاتهم المستقبلية. إنّ توفّر القدر الكافي من المعلومات والأرقام يحسِّن درجة الوعي لدى الناس، ويساهم في ارتقاء مستوى تفكيرهم، وهو إلى جانب ذلك يوفر لهم قدرًا من الأمان ضد الغش والتزوير والتزييف الذي ينتشر اليوم في كل مجالات الحياة، وعلى نحو لم يسبق له مثيل!
في الدول الفقيرة والنامية شح كبير في المعلومات، وذلك لأن بناء الهياكل المعلوماتية مكلف جدًا، ويحتاج إلى درجة من التنظيم ليست متوفرة لدى كثير من الدوائر والجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية. وهذا الفقر المعلوماتي يشجِّع الكثيرين على الكذب واللعب بعقول الناس وخداعهم، وفي بلدان إسلامية كثيرة تتحكم الحكومات وموظفوها بإدارة المعلومات والإحصاءات، وفي ظل ضعف المسألة والمحاسبة الشعبية فإن موظفي الدولة يستطيعون نشر ما يريدون من أرقام، وحجب ما لا يريدون نشره على مقتضى مصلحة الحكومة ومصالحهم الخاصة، وهذا جعل الثقة بما يُنشر ضعيفة، وأحيانًا معدومة، وقد قال أحد الكتاب يومًا: إننا لا نحصل على أي أرقام صحيحة؛ حتى درجات حرارة الطقس هناك مَن يتلاعب بها! وهذا الكلام مع أنه لا يخلو من المبالغة إلاّ أنه يشير إلى الإحباط الذي يعاني منه كثير من الناس على هذا الصعيد. ومن هنا فإنه لم يعد من المستغرب ما يُلاحظ من ذلك الارتباط الوثيق بين تدني مستوى الشفافية والإفصاح وبين الرشوة والفساد الإداري والمالي وخراب الأخلاق والذمم، وإن التقارير السنوية لمنظمة الشافية الدولية، تضع معظم الدول الإسلامية في ذيل الدول على مستوى النزاهة والاستقامة الإدارية والمالية؛ وهذا على مقدار ما هو مخجل، محفّز لنا على التحرك من أجل فهم الأسباب الموضوعية والتفصيلية لذلك، ومحاولة معالجة تلك الأسباب.
2- لم يستطع علماء الأمة ومثقّفوها الشرعيون ودعاتها نقل الإنجازات الضخمة لعلماء الحديث على مستوى التثبّت والتدقيق في الأخبار والآثار المروية، لم يستطيعوا نقلها من الإطار (الأكاديمي) والتنظيري إلى الثقافة الجماهيرية العامة؛ إذ لا نجد إلاّ القليل من التحرّز تجاه تداول الشائعات والأخبار الكاذبة، وإلاّ القليل من التبصُّر في مضمون ما يتم تداوله ومدى وثاقته وصحّة نسبته إلى قائله، ولهذا فإن لدينا الكثير الكثير من الخرافات، والكثير من المعطيات اللينة التي لا تصمد في وجه أي تمحيص أو اختبار. إن العقل البشري في بنيته العميقة يقبل الخداع والتضليل على نطاق واسع، ولهذا فإن الأكاذيب التي يتم نشرها تؤثر في أحكامنا وطروحاتنا على نحو هو أكبر مما نظن، وهناك شريحة واسعة من الناس يمكن وصفها بأنها ضحية حقيقية للمراوغة اللغوية وصناعة الكذب المتعاظمة!
ليس هناك من حل لهذه المعضلة سوى إيجاد ثقافة الاهتمام بالأرقام والإحصاءات، وعلى الجماعات والمؤسسات والجامعات الإسلامية أن تجعل من نفسها قدوة في الشفافية والإفصاح والصدق، فتؤسس أقسامًا للإحصاء والمعلومات تابعة لها، وتكون مستعدة لمناقشة ما يُقال حول المعلومات التي تنشرها. وعلى الدول أن تُلزِم الدوائر الحكومية والشركات والمؤسسات الخاصة بالقيام بنحو من ذلك. إن المعلومات مثل السياسة أكبر من أن تُسنَد إلى جهة واحدة، وإن وجود معلومات وأرقام واردة من جهات مختلفة، يساعد الناس على تشكيل رؤى معتدلة للقضايا الحياتية المختلفة، ويساعدهم في الوقت ذاته على النجاة من مآسي الأرقام المغلوطة.
3- من أمن العقوبة أساء الأدب، ومن أمن الفضيحة تمادى في السوء والرذيلة، هذه هي طبيعة الناس، وهذا هو حال كل الذين لا يجدون رادعًا من دين أو خلق متين. ومن الواضح أن ضعف النقد الثقافي والاجتماعي لدى الكثير من الشعوب قد جرّأ من لا يعرف على قول الخطأ والباطل، وشجع المنحرفين على المضي في طريق الانحراف. ومن هنا فإن تنشيط سوق النقد وتوسيع مجال حرية التعبير يشكلان نقطتين مهمتين على صعيد مكافحة تزوير المعلومات، والحد من الشائعات وسيطرة الرؤى الأحادية. إن الاستقامة المعرفية تحتاج إلى اعتماد أسلوب نقد الفكرة بالفكرة، ومقارعة المعلومات بالمعلومة، وتمحيص البحث بالبحث، ومواجهة الاقتراح باقتراح آخر.... وما لم يتم اعتماد هذا الأسلوب، فإن من المتوقع أن يستمر الإنتاج الثقافي الرديء، والقادر على طرد الإنتاج الجيد، ومحاصرته كما تفعل العملة الرديئة بالعملة الجيدة!
للحديث صلة...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://shababacdamy.phpbb9.com
 
مكافحة العماء (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب اكاديمى :: منتديات لاخبار المتنوعة :: مقالات-
انتقل الى: